مناقشات اللجنة التأسيسية للدستور هى فصل من فصول مسرحية العبث التى تتفوق على كل مسرحيات يونيسكو وبيكيت! من فرط اللامعقول أحياناً أعتبر وأتخيل أنها غير موجودة وأحياناً أستيقظ على كابوس أن فصيل الإسلام السياسى سيفرض أفكاره دستورياً فى غفلة من الزمن وسنظل سنين وربما قروناً لنتخلص من آثار دولتهم الدينية التى ستأكل الأخضر واليابس.

معارك جانبية تستنزف مجهود وعقل وروح وهوية الوطن، أسلحتها شعارات وكلمات رنانة لو خضعت لفحص العقل والمنطق لظهر خداعها ومراوغتها، إلغاء كلمة مبادئ ووضع كلمة أحكام بدلاً منها هى مراوغة وخداع وافتعال معركة ليس لها أساس أو مبرر، هل من يحاربون معركة الأحكام لا يعرفون تعدد المذاهب الفقهية بل وتناقض أحكامها أحياناً بتغير الزمان برغم ثبات ورسوخ المبادئ؟، هل لم يقرأوا عن تغيير الفقيه الواحد لرأيه عندما انتقل من مكان إلى مكان، مثل ما فعله الشافعى احتراماً للمبادئ الثابتة وليس للأحكام المتغيرة المتبدلة؟ إذا كان الحكم يتبدل من زمن إلى زمن ومن مكان إلى مكان فلماذا تمسكهم بالمتبدل المتغير المتناقض وتركهم للثابت الراسخ الواضح، إلا إذا كانت المراوغة هدفهم واستنفاد الجهد وتشويش الفكر غرضهم الأساسى بإلقاء قنابل الدخان للتغطية على مشاكل الوطن الحقيقية.

سيادة الله لا سيادة الشعب! نحن يا جماعة نكتب دستوراً ولا نخطب فى زاوية، نحن نعرف جميعاً أن السيادة لله والملك لله والخلق لله، كل هذه بديهيات، ولكن هل عندما نقول إن الشافى هو الله نقرر انطلاقاً من هذا المبدأ أن نمنع الطبيب عن كتابة ما يشفى هذا المريض بحجة أن الشافى هو الله!! ولا نصف المهندس بالبانى لأن البانى هو الله!... إلخ، هذا النوع من النقاش هو «لت فى الملتوت وعجن فى المعجون وشرح فى المشروح» لمجرد الصراخ نحن هنا.

إضافة إلى أن الأزهر هو المرجعية الوحيدة ليس بثاً للطمأنينة ولا يحتاجه الدستور رغم احترامنا للأزهر، لأنه ببساطة إذا كان هناك علماء أزهر أفاضل أجلاء فهناك من يحضرهم تيار الإسلام السياسى للسيطرة على الأزهر ووهبنته وتغيير وسطيته، وإذا كان هناك سعد هلالى وعبدالمعطى بيومى وغيرهما من المستنيرين، فإن هناك من قال برضاع الكبير وهو رئيس لقسم الحديث فى الأزهر! ومنهم من كفر مفكرين وأعلن ردتهم وما زال دم بعضهم معلقاً فى أعناقهم لمجرد اختلاف وجهات نظر!! فمن منهم سيكون المرجعية ومن يمنحنى ضماناً أن يتغير الإمام الوسطى ليحل محله إمام قندهارى!

الله يحمينا جميعاً ولا يحتاج لإخوانجى أو سلفى ليحميه، فالإخوانجى ليس الوكيل الحصرى لله، ولا السلفى هو الناطق باسمه.